السبت، ١٢ أبريل ٢٠٠٨

كريم و الموس

كان أول يوم ليا أنزل تطوع مع جمعية قرية الأمل... الواحد من زمان شايف أطفال الشوارع وسامع عن إن قرية الأمل بتشتغل معاهم وفي نفس الوقت من بعيد لبعيد كده ممكن يبعتلها أطفال بحيث يتصرفوا معاهم لأني طبعاً مش ضامنة الطفل ده يكون وراه إيه ولا حكايته إيه ولا أتعامل معاه إزاي...

بس مع حادثة التوربيني ماكانش ينفع الواحد يفضل قاعد يتفرج... وافتكرت حاجة مهمة كانت واحدة زميلتي قالتهالي واحنا بنكمل دراسات عليا برة... صاحبتي دي كانت بتعمل دراسة عن رؤية الشباب المصري لهويته وكان جزء من الدراسة محتاج منها إنها تنزل تغطي مظاهرات الجامعات المصرية على خلفية تدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة وتعمل استطلاعات رأي ما بين شباب الجامعة... زميلتي كانت راجعة بشحنة انفعالية قوية من الجو اللي عاشت فيه على مدار الأيام اللي قعدتها وسط المظاهرات وهتافات من هنا على شعارات من هناك على اشتباكات مع الأمن المركزي على الطلبة اللي عايزين يكسروا باب الجامعة ويطلعوا على السفارة ...جو مليان بالحماس والانفعالات بحيث اللي بيراقب يحس إن الناس دي شوية وهتطلع خلاص تحارب في فلسطين... ورجعت تحكي للمشرف الفرنساوي بحماس وانفعال شديد ... المشرف بصلها بسخرية وشفقة وسألها : وترجموا الانفعال ده لخطة عمل واضحة في إطار كيان منظم ؟ ولأن رد صاحبتي جه بالنفي جه رد المشرف بكل برود :خلاص يبقى كأن مافيش حاجة حصلت ,,, فقاعة وانفجرت,,,

وهو ده اللي حصل وقت التوربيني وبيحصل كتير قوي في حياتنا... كلام كتير وانفعال كبير وغضب شديد وتعاطف مع الضحايا لكن في النهاية الأمر بيقف عند كده ومابيترجمش "لخطة عمل واضحة في إطار كيان منظم"... وبينتهي الاهتمام بالقضية وبتموت زي ما غيرها قبلها مات وبعدها كمان مات وهيفضل لسة غيرها يموت...

المهم... افتكرت القصة دي وقررت أنزل أتطوع في قرية الأمل وفعلاً اتصلت بفرع عزبة الهجانة اللي في مدينة نصر وحددت معاد مع المشرف عليه وبعديها بساعتين كنت في مكتبه... وأثناء ما المشرف كان بيكلمني عن تاريخ الجمعية وطبيعة شغلها مع أطفال الشوارع لقيت طفل واقف عند الباب بيشاور عقله يدخل ولا مايدخلش وعلى وشه ابتسامة بريئة وخجولة تحسسك إنك قدام ملاك صغير...

· تعالي يا كريم سلم على أبلة أميرة...

لكن كريم فضل واقف وعلى وشه ابتسامة طفل خجول بيقابل ناس لسة مايعرفهمش.

· إنتي عارفة يا أبلة أميرة إن أنا وكريم صحاب ؟
· إيه ده ؟ بجد ؟ لا مش عارفة...
· أيوة طبعاً ... أنا وكريم صحاب وبيجي يصبح عليا كل يوم وبنلعب مع بعض وكمان بيتعلم مع الأبلة زينب حاجات جديدة...
· إيه ده ... طب وانا ...ماينفعش أنا وكريم نبقى صحاب ؟
· إسأليه كده يا أبلة أميرة ... ينفع يا كريم أنت وأبلة أميرة تبقوا صحاب ؟

وعشان يخرج كريم من الموقف المحرج اللي حطه فيه الأستاذ محمود ساب المكتب وخرج وعلى وشه نفس الابتسامة الخجولة اللي دخل بيها...

كريم اللي شفته ده كان كريم الملاك... بس من سنة قبل ماجي القرية كان كريم حاجة تانية خالص ... كريم كان بيجي وهو مخبي الموس في هدومه ... كان عنيف مع أصحابه ودايماً يتخانق معاهم زائد إن كان عنده سلوكيات شاذة لاحظها المشرفين في القرية من ساعة ما بدأ يتردد عليها... ومع أي خناقة أو حتى من غير خناقة كان كريم بيستخدم الموس ... العنف ومنظر الدم كانوا عنده حاجة مثيرة... وكل ده أنا بتكلم على طفل عمره ماعداش الخمس سنين... خمس سنين بس شاف فيهم الويل من ساعة ماعينيه اتفتحت على أب مايعرفش في الدنيا دي يعني إيه معنى الرحمة... ولأن كريم ماهو إلا عجينة لسة طرية إتأثر باللي بيشوفه في البيت وبقي قبل ما يتم الخمس سنين لعبته الموس وتسليته الدم...

الحمد لله اتلحق ... واتلحق المجتمع كله أصلاً من إن كريم يكبر بالشكل ده... بس فيه غير كريم كتير ماتلحقوش وزمانهم طالعين... وكل مابيكبروا كل ما العجينة هتنشف وهيبقى صعب تشكيلها من أول وجديد... واتلحق علشان فيه "خطة عمل واضحة في إطار كيان منظم" بتنادي على إيدين شبابك يا مصر ييجوا يساعدوا في تنفيذها وياخدوا بإدين الباقيين ... بتقوللهم يوم ما تغضبوا وتثوروا طلعوا ثورتكم في كيان منظم زي ده ... بدل ما فقاعتنا تنفجر من غير أي لازمة خلوا الانفجار ده يتوجه صح ويولد الطاقة اللي هتمشينا لقدام ... ممكن ؟
أميرة قطب

الأربعاء، ١٩ مارس ٢٠٠٨

أميرة قطب ترسل قصة من جديد

اسطبل عنتر ... فوق الجبل (1)

فيه إيه فوق الجبل ؟

فيه بن لادن...

إزاي يعني بن لادن؟ أنا نفسي سألت السؤال ده... عشان نبقى بس واضحين من البداية... المشهد فوق الجبل فيه حاجات كتير ... أشخاص كتير... خيوط كتير... أحداث كتير وصور كتير... هنثبت حركة الصور دي كلها ونجمد الأشخاص ونوقف الأحدث لكن الحاجة الوحيدة اللي هنسيبها تتحرك جوه المشهد هي جماعة بن لادن...

هي إيه بالظبط جماعة بن لادن دي؟ هو انتي مطلعانا المشوار ده كله عشان نشوف الإسلاميين اللي فوق الجبل ؟

لأ... ثواني ... هو أصل بن لادن ده مش عضو جماعة إرهابية ولا أمير تنظيم جهادي... بن لادن ده طفل..

طفل ؟

أيوة طفل ... طفل لأول مرة هيقولولك إن اسمه بن لادن هتفضل تبص في وشه عشان هيبقى بالنسبة لكحاجة ماشوفتهاش قبل كدة... بن لادن؟ وأهله يعني ملقوش غير الإسم ده يسموهوله؟ بن لادن ؟

تاني حاجة هتبقى عايز تشوف شكل مامته وباباه عشان أكيد باباه بدقن طويلة ومامته لابسة النقاب... والحقيقة إن أبوه راجل مش بدقن ولا حاجة ومالوش أيتها دعوة بالجماعات الدينية ورجل بسيط وعلى قده وأمه ست عادية جداً من اللي بنشوفهم عادي جداً في العشوائيات لابسين جلابية فلاحي و رابطين راسهم بمنديل راس... ما علينا إحنا اتفقنا نثبت الأشخاص ومانخليش غير مجتمع بن لادن بس هو اللي يتحرك...

تالت حاجة بعد ما هاتقعد وتلعب مع بن لادن هتحس إنك قدام شقاوة غير طبيعية وذكاء مش بتاع سنه...

رابع حاجة هتفكر في الشقاوة دي لما تكبر الناس هتتعامل معاها إزاي واسمها بن لادن... يعني كان لازم أهلك يسموك كده يا بن لادن ؟

خامس حاجة هيجي سؤال تاني بعدها على طول عن شقاوتك دي هتعمل فيها إيه الأيام يا بن لادن ؟

بن لادن... تعالى اقعد جمبي ... هحكيلك حكاية... كان فيه زمان واحد تاني برضه اسمه بن لادن ...عارف ؟ كان عايش في الجبل زيك... لما كبر اتعرف على أصحاب متشددين قعدوا يقولوله يا بن لادن إحنا خايفين على دينا من الأشرار... أخد بن لادن البندقية بتاعته على كتفه و لف حولين راسه المنديل الأخضر وفرغ الرصاص في الناس كلها من غير مايفرق بين الطيبين والأشرار...

انت أصحابك مين يا بن لادن ؟ عبد الله وسيد وطارق اللي ساكنين عند السلم ؟ ... طب ولما تكبر انت وهما هتخافوا على إيه ؟ على لقمة العيش؟ على الشغل؟ على نفسكو من الضرب والتعذيب ؟ طب وهتخافوا عليها من مين ؟ لقمة العيش دي مين اللي هيقطعها عنكم ؟ المصانع والناس اللي فوق ؟ ليه يا بن لادن دي ""عز"" الطلب... طب في الآخر هتمسك بندقية ولا هتختار سلاح تاني ؟ طب والشريط اللي هتلفه حولين راسك ... هيفضل أخضر؟ ولا هيقلب أحمر ؟ ولا هيبقى اسود ؟ طب وانا يا بن لادن... هترفع سلاحك عليا مع الأشرار ؟...

الخميس، ٢٤ يناير ٢٠٠٨

قصة جديدة من أميرة قطب: أول لقاء


Download the original attachment
على أعتاب طفل شارع...
فاكرة أول مرة اتعاملتي فيها مع طفل شارع كانت امتى ؟ ... في ليلة من ليالي الشتا وانا راجعة من واحد من المؤتمرات اللي كنا بنعملها في سياسة واقتصاد نزلت في رمسيس عشان أغير وآخد حاجة لمدينة نصر... كنت طبعاً لابسة فورمال لأننا كنا في عز أيام المؤتمر ... ونزلت عند منزل 6 أكتوبر في رمسيس وكان المفروض أنا أتمشى لحد قدام مسجد الفتح عشان ميكروباصات مدينة نصر بتبقى واقفة هناك... أطفال الشوارع ماليين ميدان رمسيس ودي مش حاجة محتاجة قوة ملاحظة ولا أي حاجة.... بس تحت منزل الكوبري كان فيه حاجة مختلفة... كان فيه حتة كارتونة مفرودة عالأرض وعليها ولد تاه عن العالم اللي احنا فيه ونسي إنه وسط أصخب ميدان في مصر وركن ضهره عالحيطة ورفع وشه للسما واترسمت على جسمه كل مظاهر الإرهاق والتعب... وفضل في الركن ده... كاشش فيه ... مابيكلمش... مابيتحركش...قاعد مهدود وبس...
وعديت من جمبه وكملت طريقي في اتجاه الميكروباصات... بس حسيت إني هربت ودار في نفسي حوار عشان أرجع:
ما أطفال الشوارع ماليين البلد... إشمعنى ده يعني اللي هتقفي قدامه ؟
بس هو ده طفل شارع ؟
طالما قاعد تحت الكوبري ومالوش بيت ولا أهل يبقى طفل شارع...
بس ده شكله مش طفل شارع...
إيش عرفك...
شكله كده... شكله لسة مادخلش عالم الشارع
إزاي يعني ماهي هدومه وشكله ومنظره كله كله بيقول إنه بقاله فترة في الشارع...
لأ، شكله لسة مش طفل شارع...
أيوة يعني إيه اللي مخليكي متأكدة
مش عارفة... بس ده لسة مابقاش طفل شارع
على فكرة... ده ممكن يبقى خطر عليكي...
استني بس... أنا هارجع ونبقى نشوف...
ورجعت له ... وفعلاً محمد ماكانش طفل شارع ... كان طفل لسة جاي الشارع... لسة هايدخل العالم ده... لسة جاي طازة من بلدهم في القطر بعد ماهرب من أبوه اللي ضربه وطرده من البيت عشان الأسطى بتاعه طرده من الشغل... حلف محمد ماهو قاعد في البلد بعد انهاردة وخد القطر ومشي...
محمد كان بيكلمني وعينيه تعبانين... ماطلبش مني أي حاجة... أهيه واحدة جات تسأله عن حكايته وهتمشي وتسيبه للبرد تحت الكوبري...بس ماكانش ينفع أسيبه... فيه حاجات في كلامه... في تعابير وشه... في حركاته بتقول إنه لسة مابقاش طفل شارع وإن لو سبته هبقى سبت طفل شارع جديد يتولد...
طبعاً جه عسكري يسألني "إيه يا أبلة الواد ده عملك حاجة ؟" ولما لقى الموضوع مافهوش حاجة حب يوعيني يعني حيث إن أنا لسة صغيرة وعلى نياتي إنه أحسن لي أبعد عن العيال دي وماتعبش نفسي معاهم... طبعاً ماكانش ينفع أرد غير بابتسامة بلهاء من نوعية "طب اتفضل حضرتك مشكرين" انصرف بعديها العسكري غير مأسوف عليه... بس أنا اللي جه في ذهني الفلاير بتاع قرية الأمل اللي كنت شفته في مكان ما عندنا قبل كده في البيت... وبقى اللي على بالي إني أوصل محمد لقرية الأمل عشان هما يتصرفوا معاه. وطبعاً لأني ساعتها لا كان معايا لا نمرة القرية ولا عنوانها، اتصلت بالبيت عشان آخد عنوان القرية في مدينة صر وأوصل محمد قبل ماروح... كل ده ومحمد لسه همدان وتعبان... لا عنيه برقت لما فتحت الشنطة ولا لما طلعت الموبايل أكلم البيت ولا طلع يجري ويقول الولية دي مجنونة ولا أي حاجة... مسلم أمره لربنا ومستسلم للي هتحكم بيه الأقدار... أنا قلت الولد ده لسة ما بقاش طفل شارع...
طبعاً البيت اتخضوا لأنهم مش شايفين الولد اللي قدامي بس بعد مفاوضات مبنية على أساس إن الولد ده لسة مش طفل شارع أو لسة مابقاش خطر، وصلنا إلى إن أنا هاجيب محمد في إيدي وأنا جاية...
طبعاً المنظر ماعجبش ناس كتير ولا الريحة بصراحة ومنادي الميكروباص كان مستغرب ومش فاهم بالظبط أنا باعمل إيه لأن طبيعي يعني الأخصائيين الاجتماعيين مش بينزلوا يلموا أولاد الشوارع بالبدل رسمي كدة... وقريت على وش الناس ميت سؤال وسؤال وشكوك وتوجسات وعلامات استفهام بس في النهاية ولا حاجة من الحاجات دي هاتساعد محمد، فمن الآخر يعني طظ...
ومن البيت على قرية الأمل، طلع إنه ماينفعش نسيب محمد هناك لأن الفرع اللي رحناه كان فرع الإدارة ومش بيستقبل حالات جاية على طول من الشارع عشان كل مرحلة من مراحل أطفال الشوارع ليها معاملة خاصة... لكنالقرية قالت إنه من بكرة الصبح هاتبتدي تتصل بالمراكز اللي تعرفها في بلد محمد عشان نعرف نرجعه لأهله... طبعاً محمد رغم إنه لسة مش طفل شارع لكن مش دايماً بيقول الحقيقة وكذب في حاجات كتير وناقض نفسه في حاجات كتير لحد ماعرفنا هو من فين بالظبط ومن أني بلد بس ده عادي... عادي إن الطفل يكدب عشان يجمل صورته عشان في الآخر محتاج مساعدة... بس مش مساعدة مادية... مساعدة معنوية... محتاج إيد تحن عليه وحد يطبطب علي راسه وحضن يضمه... مش أكتر من كده... حق مشروع...
اليوم التاني، كان محمد في وسط أهله... محمد كان بقاله اسبوعين بيلف مصر... من بلده على اسكندرية ومن اسكندرية على مصر وماكانش لسة وقع في إيدين التوربيني ولا عمله شلة تحميه من أهوال الشارع... وفي الأسبوعين دول كان أبوه قالب عليه البلد ومش لاقيه... هو آه ضربه بس ماكانش قصده يطفشه... ماهي المشكلة في "ماكانش قصده" دي... مجتمعنا بيضرب الطفل وكأن دي حاجة عادية جداً... بيفتري عليه عشان كده هيتربى صح... وبيمسح بكرامته الأرض عشان يتعدل... وفي النهاية محمد بيهرب من البيت عشان يقول لأهله كده كفاية ! وبيبني مجتمع على هامش المجتمع ... ويحط بنفسه فانون العالم الجديد... المهم أبو محمد ماكانش مصدق نفسه...
بعدها بشهر وفي يوم جمعة الساعة تمانية الصبح (يعني في عز ما الكل نايم), دق الجرس وكان أبو محمد... صحي من الفجرية وركب القطر ساحب في إيده شوالين رز من المحصول بتاعه وجايبهم هدية عشان رجوع محمد كان عنده بالدنيا...

الأحد، ٢٠ يناير ٢٠٠٨

رسالة من صديقتى أميرة قطب

قبل ما أسافر كندا كنت باتسلق جبال في مصر,,, أيوة في مصر وفي قلب القاهرة,,, بس مش جبل المقطم,,, لأ، جبل تاني اسمه اسطبل عنتر,,, إيه ده ؟ منين جبل ومنين اسطبل ؟ هو آني بالظبط فيهم ؟ دي حكاية طويلة ممكن بقى نحكيها بعدين المهم إنها منطقة عشوائية على امتداد ارتفاع الجبل ماتبعدش في الحقيقة عن المعادي غير خطوتين لكن أحلام سكانها بعيدة جداً عن أحلام سكان المعادي,,, بيحلموا يدوب بمية نضيفة وسكن آدمي وعيشة يا دوب على خط الفقر, يعني مش هنفتري ونقول انهم عايزين يعدوه.المهم,,, الجبل عشان تطلعه محتاج قوة... وذاكرة كويسة عشان مسالك الجبل ممكن تتوهك لو ماحفظتهاش ومية كتير عشان العطش... وقبل كل ده وده قوة تحمل نفسية عشان تصمد قدام اللي هاتشوفه في الطريق.خلاص ؟ استعديت وهانبتدي ؟ يلا بينا ...تحت,,, عند سفح الجبل, المنطقة ممكن تتصنف على إنها منطقة سكانها مزيج من الطبقة الوسطى الدنيا والطبقة الفقيرة... منطقة زيها زي مناطق كتير في مصر ولحد دلوقتي مفيش جديد... بس لما ندخل أكتر الوضع هيتغير...الجبل ليه كذا مطلع زي ما بردو ليه كذا منزل بس احنا هناخد المطلع اللي جمب السبيل,,, وعشان توصل للسبيل, لازم الأول تعدي من قدام عربية العيش بتاعت سمر اللي رغم ان عمرها يا دوب 17 سنة لكن بنت بلد مصرية شايلة بيتها على كتافها وبتصرف على اخواتها البنات الخمسة وأمها المريضة وأبوها اللي راح اتجوز واحدة تانية وبيجي كل أول شهر ياخد (مش يددي) مصروفه...قبل ما توصل للسبيل، هتعدي على ورشة العربيات اللي بيشتغل فيها مصطفى وهتشوفه وهو بجسمه اللي قد كدة بيدحرج الكاوتش اللي هوة أصلاً تقريباً قده وبيمسح وشه في هدومه المدهونة بلون الورش والشحم قبل ماينزل "يعيش طفولته" تحت موتور العربية... وهتعدي تحت الكوبري اللي هو خرابة بتجمع كل أشكال الزبالة مع كل أنواع الطيور (رغم إن الدولة بتبذل جهود حثيثة... أيوالله حثيثة لمكافحة أنفلونزا الطيور) كل ده قدام قهوة الناس بتقضي فيها وقت والعيال بيلعبوا قدامهم في الفسحة اللي هي ممكن يتعمل فيها سيرك للأطفال وأفراح وموالد ,,, يعني ده النادي بتاع الاسطبل ...إحنا لسة ماوصلناش للسبيل,,, لسة قدام شوية,,, ولسة الشوارع واسعة (يعني عرضها حوالي من مترين لتلاتة لما ربنا يفرجها أوي) لكن عربيات نقل تلاقي,,, كارو تلاقي,,, وحمير تلاقي,,, حصنة تلاقي,,, مافيش حاجة بتقف أبداً والدنيا بيس عشان زي ماقولنا إحنا لسة يا دوب عند سفح الجبل.وصلنا للسبيل... يلا خد شمال بقى وهنبتدي نتطلع الجبل... أكيد مش هاعرف أوصف المسالك لأن المكان مالوش خريطة ومافهوش أسامي شوارع... الخريطة لازم تكون في ذهنك انت... ترسمها انت مع نفسك وتخزنها في الذاكرة من أول مرة عشان تعرف توصل لما تيجي تاني مرة لوحدك. بس الجبل ده مش رمال ولا صحرا... مش جبل أصفر يعني زي اللي بنشوفه في الأفلام,,, لأ ده جبل البيوت فيه ملزقة بيت جمب التاني واللي ساكن بيت لو خرج دماغه من شباك بيته هيلاقي نفسه في بيت اللي جمبه... جبل الشارع فيه لو فردت إيدك يمين والإيد التانية شمال ممكن تلمس بيتين, طبعاً المسالك بتوسع وتضيق على طول امتداد الجبل وفيه مناطق أوسع شوية, بس السمة الغالبة إنه صعب في وسط المكان ده يكون فيه حياة خاصة... أنا مش بقول يعني إن الناس دي محتاجة بيت وحواليه جنينة و ياريت جاراج خاص بس يعني على الأقل مش لازم لما تقول كلمة, البيت اللي جمبيها يسمعها...هو أنا باتكلم في إيه أصلاً,,, كلام إيه اللي يتسمع ولا ما يتسمعش... الناس دي أغلبها عايش في سكن من أوضة ولما ربنا يفرجها أوي بيبقى أوضتين... أما بقى لو كانت العيلة عندها حمام مستقل مش مشترك مع بقيت "المنطشيقة" فده يعني بجد ترف آخر حاجة... حمام مرة واحدة !! ياااه ,,, ها,,, اللي بعده,,, المهم بقى الطريق جوة الجبل كل شوية هيتفرع وانت لازم يا تاخد يمين يا تاخد شمال (شئ منطقي لأنه مافيش طريق ثالث إلا إذا حبيت ترجع ورا أصلاً فده موضوع تاني),,, مرات هتاخد يمين ومرات هتاخد شمال وطبعاً كل ده بالشبه وبالخريطة الصورية اللي في دماغك لحاااااااااااااااااااااد ماتوصل لمنطقة السلم....إيه بقى منطقة السلم,,, بصوا هو احنا قبل كده كنا طالعين الجبل بس الإنحدار ماكانش جامد... منطقة الجبل منطقة بيبتدي فيها الجبل تزيد حدة انحداره وبالتالي لأن طلوع الجبل كان بيبقى مأساة يومية لسكانه فقد تفضلت منظمة غير حكومية أجنبية (وربنا يخليلنا الحاكومة) بزرع درجات سلم في الجبل بحيث الناس يعني مش لازم تموت كل يوم في الطلعة وفي النازلة...المهم,,, عضلاتك قوية ؟ تستحمل يعني ؟ طب يلا... بكرة عايزة أبقى أعرف رجليك أخبارها إيه بعد مانوصل لآخر السلم وبعدين نبقى ننزل منه ... خلينا ماشيين ورا الدهاليز وسط البط اللي سارح يمين وشمال والعيال اللي بتجري ورا بعضها والستات اللي قاعدة ترغي مع بعضها والجبنة القريش أو غير الجبنة القريش اللي بتتباع عالرصيف (ده أساسي) والبيوت اللي بوابها مفتوحة يمين وشمال بحيث لو ضربت بعينك جوة هاتشوف البؤس اللي معشش في البيوت....إيه ؟ أنت تعبت ؟ ده لسة السلم ماخلصش ! أيوة لسة فاضل حتة صغيرة بس لو تعبت ممكن نستريح...- هو انت يا أبلة الميس اللي بتيجي تلعب مع العيال في النادي ؟- أه ... مش عايزة تيجي ؟- انتو بتعملوا إيه ؟- بنجيب صلصال وبنلون وبنحكي حكايات...- بتلعبوا بالصرصار !!- لأ إحنا بنجيب عجينة كدة وبنعمل بيها أشكال وفيه ناس بتعمل عربية وناس بتعمل حصان وناس بتعمل صنية بطاطس والعجينة دي اسمها صلصال...إيه رأيك ؟- ...- انت عايزة تعملي شكل إيه ؟- مش عارفة- طب فكري كدة يلا وتعالي بسرعة وانا هستناكي في النادي- حاسأل امي الأول- ماشي، انت اسمك إيه بقى - نورا- ماشي يا نورا طب وانا اسمي إيه ؟- ...- إزاي أنا عارفة اسمك وانت مش عارفة إسمي ؟- ماشي يا نورا... انا إسمي أميرة وهستناكي بأة عشان تيجي تلعبي معايا... ماشي ؟- ماشي...يلا بينا ؟ يلا بينا... طلعنا كام سلمة شداد ووصلنا لحارة على إيدنا اليمين فاتحة على طريق طوالييييييييييي بس مافهوش سلالم... يبقي احنا كده وصلنا لآخر الجبل ؟ لأ لسة .. بص على إيدك الشمال... شايف السلمتين المدفونين دول في الأرض؟ أه بس دول آخرهم حيطة سد... تفتكر ؟ هو مسلك ضيق صحيح وشكله كأن آخره حيطة سد لكن دي الفتحة اللي بتوصل على آخر حلقة من حلقات السلم... يلا ... خلاص آخر مرحلة... ده سلم حديد بحق وحقيقي ... سلم بجد يعني لسة معالمه ماطمستش. خلاص طلعت ؟ إحنا كده وصلنا لقمة الجبل. فوق قمة الجبل عالم تاني برضو بس عالم عشان نحكي عنه لسة عايز قاعدة....

الأحد، ٦ يناير ٢٠٠٨

عيادة الأمل

عيادة الأمل
عيادة جديدة هى نتاج عمل لمدة 8 أشهر بين المركز الطبى الوقائى التابع لمستشفى أبو الريش حامعة القاهرة، و بين جمعية قرية الأمل و يتطوع فيها عدد من الأطباء، و يقوم بتدريبهم منظمة أطباء العالم و يقوم بتمويلها مجموعة من الأفراد المصريين و الهدف منها أن نوفر خدمة طبية بمنظور خاص لأطفال الشارع، يوضع فى الإعتبار أن الطفل أو الطفلة يأتون وحدهم أو بصحبة أخصائى إجتماعى، و لن يستطيع أن يشترى الدواء، و قد لا يستطيع أن يحتفظ بدواء حتى لو إشتراه له أحد و بالتالى لابد من وضع خطة علاجية تضع هذا فى الحسبان.
هذا النوع من الطب قريب من طب الكوارث، هو منظور طبى للتعامل مع المشكلات الطارئة بأقل الموارد و أسرع النتائج.
يا ريت تيجوا تشوفوا المكان و تشوفوا قد ايه الاطباء و التمريض و الادارة متحمسة لهذه العيادة اللى هى الاولى من نوعها فى مصر
عيادة الأمل مفتوحة لأى طفل او طفلة شارع سواء حضر بمفرده او معه اخصائى، سواء تم تحويلة من جمعية (اى جمعية) او عرف عن العيادة من اصدقائه و اخوته فى الشارع
شكرا لكل اللى ساعدونا