الخميس، ٢٤ يناير ٢٠٠٨

قصة جديدة من أميرة قطب: أول لقاء


Download the original attachment
على أعتاب طفل شارع...
فاكرة أول مرة اتعاملتي فيها مع طفل شارع كانت امتى ؟ ... في ليلة من ليالي الشتا وانا راجعة من واحد من المؤتمرات اللي كنا بنعملها في سياسة واقتصاد نزلت في رمسيس عشان أغير وآخد حاجة لمدينة نصر... كنت طبعاً لابسة فورمال لأننا كنا في عز أيام المؤتمر ... ونزلت عند منزل 6 أكتوبر في رمسيس وكان المفروض أنا أتمشى لحد قدام مسجد الفتح عشان ميكروباصات مدينة نصر بتبقى واقفة هناك... أطفال الشوارع ماليين ميدان رمسيس ودي مش حاجة محتاجة قوة ملاحظة ولا أي حاجة.... بس تحت منزل الكوبري كان فيه حاجة مختلفة... كان فيه حتة كارتونة مفرودة عالأرض وعليها ولد تاه عن العالم اللي احنا فيه ونسي إنه وسط أصخب ميدان في مصر وركن ضهره عالحيطة ورفع وشه للسما واترسمت على جسمه كل مظاهر الإرهاق والتعب... وفضل في الركن ده... كاشش فيه ... مابيكلمش... مابيتحركش...قاعد مهدود وبس...
وعديت من جمبه وكملت طريقي في اتجاه الميكروباصات... بس حسيت إني هربت ودار في نفسي حوار عشان أرجع:
ما أطفال الشوارع ماليين البلد... إشمعنى ده يعني اللي هتقفي قدامه ؟
بس هو ده طفل شارع ؟
طالما قاعد تحت الكوبري ومالوش بيت ولا أهل يبقى طفل شارع...
بس ده شكله مش طفل شارع...
إيش عرفك...
شكله كده... شكله لسة مادخلش عالم الشارع
إزاي يعني ماهي هدومه وشكله ومنظره كله كله بيقول إنه بقاله فترة في الشارع...
لأ، شكله لسة مش طفل شارع...
أيوة يعني إيه اللي مخليكي متأكدة
مش عارفة... بس ده لسة مابقاش طفل شارع
على فكرة... ده ممكن يبقى خطر عليكي...
استني بس... أنا هارجع ونبقى نشوف...
ورجعت له ... وفعلاً محمد ماكانش طفل شارع ... كان طفل لسة جاي الشارع... لسة هايدخل العالم ده... لسة جاي طازة من بلدهم في القطر بعد ماهرب من أبوه اللي ضربه وطرده من البيت عشان الأسطى بتاعه طرده من الشغل... حلف محمد ماهو قاعد في البلد بعد انهاردة وخد القطر ومشي...
محمد كان بيكلمني وعينيه تعبانين... ماطلبش مني أي حاجة... أهيه واحدة جات تسأله عن حكايته وهتمشي وتسيبه للبرد تحت الكوبري...بس ماكانش ينفع أسيبه... فيه حاجات في كلامه... في تعابير وشه... في حركاته بتقول إنه لسة مابقاش طفل شارع وإن لو سبته هبقى سبت طفل شارع جديد يتولد...
طبعاً جه عسكري يسألني "إيه يا أبلة الواد ده عملك حاجة ؟" ولما لقى الموضوع مافهوش حاجة حب يوعيني يعني حيث إن أنا لسة صغيرة وعلى نياتي إنه أحسن لي أبعد عن العيال دي وماتعبش نفسي معاهم... طبعاً ماكانش ينفع أرد غير بابتسامة بلهاء من نوعية "طب اتفضل حضرتك مشكرين" انصرف بعديها العسكري غير مأسوف عليه... بس أنا اللي جه في ذهني الفلاير بتاع قرية الأمل اللي كنت شفته في مكان ما عندنا قبل كده في البيت... وبقى اللي على بالي إني أوصل محمد لقرية الأمل عشان هما يتصرفوا معاه. وطبعاً لأني ساعتها لا كان معايا لا نمرة القرية ولا عنوانها، اتصلت بالبيت عشان آخد عنوان القرية في مدينة صر وأوصل محمد قبل ماروح... كل ده ومحمد لسه همدان وتعبان... لا عنيه برقت لما فتحت الشنطة ولا لما طلعت الموبايل أكلم البيت ولا طلع يجري ويقول الولية دي مجنونة ولا أي حاجة... مسلم أمره لربنا ومستسلم للي هتحكم بيه الأقدار... أنا قلت الولد ده لسة ما بقاش طفل شارع...
طبعاً البيت اتخضوا لأنهم مش شايفين الولد اللي قدامي بس بعد مفاوضات مبنية على أساس إن الولد ده لسة مش طفل شارع أو لسة مابقاش خطر، وصلنا إلى إن أنا هاجيب محمد في إيدي وأنا جاية...
طبعاً المنظر ماعجبش ناس كتير ولا الريحة بصراحة ومنادي الميكروباص كان مستغرب ومش فاهم بالظبط أنا باعمل إيه لأن طبيعي يعني الأخصائيين الاجتماعيين مش بينزلوا يلموا أولاد الشوارع بالبدل رسمي كدة... وقريت على وش الناس ميت سؤال وسؤال وشكوك وتوجسات وعلامات استفهام بس في النهاية ولا حاجة من الحاجات دي هاتساعد محمد، فمن الآخر يعني طظ...
ومن البيت على قرية الأمل، طلع إنه ماينفعش نسيب محمد هناك لأن الفرع اللي رحناه كان فرع الإدارة ومش بيستقبل حالات جاية على طول من الشارع عشان كل مرحلة من مراحل أطفال الشوارع ليها معاملة خاصة... لكنالقرية قالت إنه من بكرة الصبح هاتبتدي تتصل بالمراكز اللي تعرفها في بلد محمد عشان نعرف نرجعه لأهله... طبعاً محمد رغم إنه لسة مش طفل شارع لكن مش دايماً بيقول الحقيقة وكذب في حاجات كتير وناقض نفسه في حاجات كتير لحد ماعرفنا هو من فين بالظبط ومن أني بلد بس ده عادي... عادي إن الطفل يكدب عشان يجمل صورته عشان في الآخر محتاج مساعدة... بس مش مساعدة مادية... مساعدة معنوية... محتاج إيد تحن عليه وحد يطبطب علي راسه وحضن يضمه... مش أكتر من كده... حق مشروع...
اليوم التاني، كان محمد في وسط أهله... محمد كان بقاله اسبوعين بيلف مصر... من بلده على اسكندرية ومن اسكندرية على مصر وماكانش لسة وقع في إيدين التوربيني ولا عمله شلة تحميه من أهوال الشارع... وفي الأسبوعين دول كان أبوه قالب عليه البلد ومش لاقيه... هو آه ضربه بس ماكانش قصده يطفشه... ماهي المشكلة في "ماكانش قصده" دي... مجتمعنا بيضرب الطفل وكأن دي حاجة عادية جداً... بيفتري عليه عشان كده هيتربى صح... وبيمسح بكرامته الأرض عشان يتعدل... وفي النهاية محمد بيهرب من البيت عشان يقول لأهله كده كفاية ! وبيبني مجتمع على هامش المجتمع ... ويحط بنفسه فانون العالم الجديد... المهم أبو محمد ماكانش مصدق نفسه...
بعدها بشهر وفي يوم جمعة الساعة تمانية الصبح (يعني في عز ما الكل نايم), دق الجرس وكان أبو محمد... صحي من الفجرية وركب القطر ساحب في إيده شوالين رز من المحصول بتاعه وجايبهم هدية عشان رجوع محمد كان عنده بالدنيا...

الأحد، ٢٠ يناير ٢٠٠٨

رسالة من صديقتى أميرة قطب

قبل ما أسافر كندا كنت باتسلق جبال في مصر,,, أيوة في مصر وفي قلب القاهرة,,, بس مش جبل المقطم,,, لأ، جبل تاني اسمه اسطبل عنتر,,, إيه ده ؟ منين جبل ومنين اسطبل ؟ هو آني بالظبط فيهم ؟ دي حكاية طويلة ممكن بقى نحكيها بعدين المهم إنها منطقة عشوائية على امتداد ارتفاع الجبل ماتبعدش في الحقيقة عن المعادي غير خطوتين لكن أحلام سكانها بعيدة جداً عن أحلام سكان المعادي,,, بيحلموا يدوب بمية نضيفة وسكن آدمي وعيشة يا دوب على خط الفقر, يعني مش هنفتري ونقول انهم عايزين يعدوه.المهم,,, الجبل عشان تطلعه محتاج قوة... وذاكرة كويسة عشان مسالك الجبل ممكن تتوهك لو ماحفظتهاش ومية كتير عشان العطش... وقبل كل ده وده قوة تحمل نفسية عشان تصمد قدام اللي هاتشوفه في الطريق.خلاص ؟ استعديت وهانبتدي ؟ يلا بينا ...تحت,,, عند سفح الجبل, المنطقة ممكن تتصنف على إنها منطقة سكانها مزيج من الطبقة الوسطى الدنيا والطبقة الفقيرة... منطقة زيها زي مناطق كتير في مصر ولحد دلوقتي مفيش جديد... بس لما ندخل أكتر الوضع هيتغير...الجبل ليه كذا مطلع زي ما بردو ليه كذا منزل بس احنا هناخد المطلع اللي جمب السبيل,,, وعشان توصل للسبيل, لازم الأول تعدي من قدام عربية العيش بتاعت سمر اللي رغم ان عمرها يا دوب 17 سنة لكن بنت بلد مصرية شايلة بيتها على كتافها وبتصرف على اخواتها البنات الخمسة وأمها المريضة وأبوها اللي راح اتجوز واحدة تانية وبيجي كل أول شهر ياخد (مش يددي) مصروفه...قبل ما توصل للسبيل، هتعدي على ورشة العربيات اللي بيشتغل فيها مصطفى وهتشوفه وهو بجسمه اللي قد كدة بيدحرج الكاوتش اللي هوة أصلاً تقريباً قده وبيمسح وشه في هدومه المدهونة بلون الورش والشحم قبل ماينزل "يعيش طفولته" تحت موتور العربية... وهتعدي تحت الكوبري اللي هو خرابة بتجمع كل أشكال الزبالة مع كل أنواع الطيور (رغم إن الدولة بتبذل جهود حثيثة... أيوالله حثيثة لمكافحة أنفلونزا الطيور) كل ده قدام قهوة الناس بتقضي فيها وقت والعيال بيلعبوا قدامهم في الفسحة اللي هي ممكن يتعمل فيها سيرك للأطفال وأفراح وموالد ,,, يعني ده النادي بتاع الاسطبل ...إحنا لسة ماوصلناش للسبيل,,, لسة قدام شوية,,, ولسة الشوارع واسعة (يعني عرضها حوالي من مترين لتلاتة لما ربنا يفرجها أوي) لكن عربيات نقل تلاقي,,, كارو تلاقي,,, وحمير تلاقي,,, حصنة تلاقي,,, مافيش حاجة بتقف أبداً والدنيا بيس عشان زي ماقولنا إحنا لسة يا دوب عند سفح الجبل.وصلنا للسبيل... يلا خد شمال بقى وهنبتدي نتطلع الجبل... أكيد مش هاعرف أوصف المسالك لأن المكان مالوش خريطة ومافهوش أسامي شوارع... الخريطة لازم تكون في ذهنك انت... ترسمها انت مع نفسك وتخزنها في الذاكرة من أول مرة عشان تعرف توصل لما تيجي تاني مرة لوحدك. بس الجبل ده مش رمال ولا صحرا... مش جبل أصفر يعني زي اللي بنشوفه في الأفلام,,, لأ ده جبل البيوت فيه ملزقة بيت جمب التاني واللي ساكن بيت لو خرج دماغه من شباك بيته هيلاقي نفسه في بيت اللي جمبه... جبل الشارع فيه لو فردت إيدك يمين والإيد التانية شمال ممكن تلمس بيتين, طبعاً المسالك بتوسع وتضيق على طول امتداد الجبل وفيه مناطق أوسع شوية, بس السمة الغالبة إنه صعب في وسط المكان ده يكون فيه حياة خاصة... أنا مش بقول يعني إن الناس دي محتاجة بيت وحواليه جنينة و ياريت جاراج خاص بس يعني على الأقل مش لازم لما تقول كلمة, البيت اللي جمبيها يسمعها...هو أنا باتكلم في إيه أصلاً,,, كلام إيه اللي يتسمع ولا ما يتسمعش... الناس دي أغلبها عايش في سكن من أوضة ولما ربنا يفرجها أوي بيبقى أوضتين... أما بقى لو كانت العيلة عندها حمام مستقل مش مشترك مع بقيت "المنطشيقة" فده يعني بجد ترف آخر حاجة... حمام مرة واحدة !! ياااه ,,, ها,,, اللي بعده,,, المهم بقى الطريق جوة الجبل كل شوية هيتفرع وانت لازم يا تاخد يمين يا تاخد شمال (شئ منطقي لأنه مافيش طريق ثالث إلا إذا حبيت ترجع ورا أصلاً فده موضوع تاني),,, مرات هتاخد يمين ومرات هتاخد شمال وطبعاً كل ده بالشبه وبالخريطة الصورية اللي في دماغك لحاااااااااااااااااااااد ماتوصل لمنطقة السلم....إيه بقى منطقة السلم,,, بصوا هو احنا قبل كده كنا طالعين الجبل بس الإنحدار ماكانش جامد... منطقة الجبل منطقة بيبتدي فيها الجبل تزيد حدة انحداره وبالتالي لأن طلوع الجبل كان بيبقى مأساة يومية لسكانه فقد تفضلت منظمة غير حكومية أجنبية (وربنا يخليلنا الحاكومة) بزرع درجات سلم في الجبل بحيث الناس يعني مش لازم تموت كل يوم في الطلعة وفي النازلة...المهم,,, عضلاتك قوية ؟ تستحمل يعني ؟ طب يلا... بكرة عايزة أبقى أعرف رجليك أخبارها إيه بعد مانوصل لآخر السلم وبعدين نبقى ننزل منه ... خلينا ماشيين ورا الدهاليز وسط البط اللي سارح يمين وشمال والعيال اللي بتجري ورا بعضها والستات اللي قاعدة ترغي مع بعضها والجبنة القريش أو غير الجبنة القريش اللي بتتباع عالرصيف (ده أساسي) والبيوت اللي بوابها مفتوحة يمين وشمال بحيث لو ضربت بعينك جوة هاتشوف البؤس اللي معشش في البيوت....إيه ؟ أنت تعبت ؟ ده لسة السلم ماخلصش ! أيوة لسة فاضل حتة صغيرة بس لو تعبت ممكن نستريح...- هو انت يا أبلة الميس اللي بتيجي تلعب مع العيال في النادي ؟- أه ... مش عايزة تيجي ؟- انتو بتعملوا إيه ؟- بنجيب صلصال وبنلون وبنحكي حكايات...- بتلعبوا بالصرصار !!- لأ إحنا بنجيب عجينة كدة وبنعمل بيها أشكال وفيه ناس بتعمل عربية وناس بتعمل حصان وناس بتعمل صنية بطاطس والعجينة دي اسمها صلصال...إيه رأيك ؟- ...- انت عايزة تعملي شكل إيه ؟- مش عارفة- طب فكري كدة يلا وتعالي بسرعة وانا هستناكي في النادي- حاسأل امي الأول- ماشي، انت اسمك إيه بقى - نورا- ماشي يا نورا طب وانا اسمي إيه ؟- ...- إزاي أنا عارفة اسمك وانت مش عارفة إسمي ؟- ماشي يا نورا... انا إسمي أميرة وهستناكي بأة عشان تيجي تلعبي معايا... ماشي ؟- ماشي...يلا بينا ؟ يلا بينا... طلعنا كام سلمة شداد ووصلنا لحارة على إيدنا اليمين فاتحة على طريق طوالييييييييييي بس مافهوش سلالم... يبقي احنا كده وصلنا لآخر الجبل ؟ لأ لسة .. بص على إيدك الشمال... شايف السلمتين المدفونين دول في الأرض؟ أه بس دول آخرهم حيطة سد... تفتكر ؟ هو مسلك ضيق صحيح وشكله كأن آخره حيطة سد لكن دي الفتحة اللي بتوصل على آخر حلقة من حلقات السلم... يلا ... خلاص آخر مرحلة... ده سلم حديد بحق وحقيقي ... سلم بجد يعني لسة معالمه ماطمستش. خلاص طلعت ؟ إحنا كده وصلنا لقمة الجبل. فوق قمة الجبل عالم تاني برضو بس عالم عشان نحكي عنه لسة عايز قاعدة....

الأحد، ٦ يناير ٢٠٠٨

عيادة الأمل

عيادة الأمل
عيادة جديدة هى نتاج عمل لمدة 8 أشهر بين المركز الطبى الوقائى التابع لمستشفى أبو الريش حامعة القاهرة، و بين جمعية قرية الأمل و يتطوع فيها عدد من الأطباء، و يقوم بتدريبهم منظمة أطباء العالم و يقوم بتمويلها مجموعة من الأفراد المصريين و الهدف منها أن نوفر خدمة طبية بمنظور خاص لأطفال الشارع، يوضع فى الإعتبار أن الطفل أو الطفلة يأتون وحدهم أو بصحبة أخصائى إجتماعى، و لن يستطيع أن يشترى الدواء، و قد لا يستطيع أن يحتفظ بدواء حتى لو إشتراه له أحد و بالتالى لابد من وضع خطة علاجية تضع هذا فى الحسبان.
هذا النوع من الطب قريب من طب الكوارث، هو منظور طبى للتعامل مع المشكلات الطارئة بأقل الموارد و أسرع النتائج.
يا ريت تيجوا تشوفوا المكان و تشوفوا قد ايه الاطباء و التمريض و الادارة متحمسة لهذه العيادة اللى هى الاولى من نوعها فى مصر
عيادة الأمل مفتوحة لأى طفل او طفلة شارع سواء حضر بمفرده او معه اخصائى، سواء تم تحويلة من جمعية (اى جمعية) او عرف عن العيادة من اصدقائه و اخوته فى الشارع
شكرا لكل اللى ساعدونا